يطرح كاساهون أديس تساؤلًا محوريًا في مقاله: هل يغيّر التدخل الأمريكي الجديد – بزعامة ترامب – معادلة النزاع بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة، أم يعمّقها؟ يشير الكاتب إلى تحوّل كبير في طبيعة الصراع، مع استكمال بناء السد وتحقيق امتلائه الكامل، وانتقال الجدل من "حق البناء" إلى "حق التشغيل".
صدرت هذه القراءة السياسية في صحيفة ذا ريبورتر الإثيوبية، ضمن تغطيتها المتواصلة لقضية السد وتفاعلاتها الإقليمية والدولية.
تبنّت إثيوبيا مشروع السد باعتباره تجسيدًا للسيادة الوطنية، وأداةً لتوليد الطاقة والتنمية الاقتصادية. أكّدت الحكومة الإثيوبية تمسّكها بحقها في تشغيل السد وفقًا لمصالحها الداخلية، رافضةً أي اتفاق قانوني يُقيّد حركتها أو يُمنح فيه لدول المصب حقّ "الفيتو المائي".
في المقابل، عبّرت مصر عن قلق وجودي من آثار السد على حصتها التاريخية من مياه النيل. طالبت القاهرة باتفاق قانوني ملزم يتضمن آلية لضمان تدفّق المياه في فترات الجفاف، إضافة إلى مسار واضح لتسوية النزاعات. اعتبرت السلطات المصرية أن استمرار إثيوبيا في تشغيل السد بشكل أحادي يمثّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي.
استعاد المقال محاولة ترامب السابقة عام 2020 لفرض اتفاق ثلاثي من خلال وزارة الخزانة الأمريكية. رفضت أديس أبابا تلك الوثيقة، ورأت فيها انحيازًا فاضحًا لموقف مصر. بعد عودته إلى الساحة السياسية، أطلق ترامب تصريحات داعمة للقاهرة، زاعمًا أن الولايات المتحدة موّلت السد، وهو ما نفته إثيوبيا رسميًا.
يُشير الكاتب إلى أن الترحيب المصري بهذه التصريحات يعكس محاولة لاستخدام النفوذ الأمريكي للضغط على إثيوبيا. ومع ذلك، يُحذّر من المبالغة في تقدير أثر هذا التدخل، مستعرضًا ثلاثة عوامل تُقلّل من فعاليته.
أولًا، ترفض القيادة الإثيوبية الضغوط الخارجية، خاصة حين تصدر من أطراف تُتهم بالانحياز. ثانيًا، فشلت سياسة العقوبات الأمريكية السابقة في التأثير على الموقف الإثيوبي، بل عزّزت الانكفاء السيادي والبحث عن تحالفات بديلة. ثالثًا، تتسم سياسة ترامب الخارجية بالتقلب، ما يُضعف موقعه كوسيط جادّ في قضية شائكة مثل سد النهضة.
توقّع الكاتب أن تواصل إثيوبيا تشغيل السد بطاقته الكاملة، مع الترويج لفوائده الإقليمية في تنظيم تدفق المياه وتقليل الفيضانات. في المقابل، قد تلجأ مصر إلى تصعيد دبلوماسي جديد، وربما تلوّح بخيارات عسكرية، وإن كانت محدودة ومحفوفة بالمخاطر.
ركّزت الخاتمة على أن الحلّ لا يمكن فرضه خارجيًا. دعا الكاتب الأطراف الثلاثة – مصر، إثيوبيا، السودان – إلى تحمّل المسؤولية السياسية، والسعي لتسوية عادلة قائمة على الاستخدام المشترك والمنصف للمياه. وأكّد أن السد لم يعُد مشروعًا قيد الإنشاء، بل واقعًا استراتيجيًا يتطلّب إدارة دقيقة لا استقطابًا سياسيًا.